أقلام وأراء
الخميس 04 أغسطس 2022 10:46 صباحًا - بتوقيت القدس
السيد والغاز والحرب!!!
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان
يثير موضوع الغاز اللبناني الكامن في أعماق المنطقة الإقتصادية الخالصة في الشواطىء اللبنانية على البحرالأبيض المتوسط وفق إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 ، شجنا كبيرا على الثروة الفلسطينية المنهوبة برا وجوا وبحرا من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلية ، وعن مدى إلتزام الكيان الإسرائيلي بالمعاهدات والمواثيق الدولية في زمني السلم والحرب تارة ورفضه تارة أخرى، وعن كيفية إجبار هذا الكيان المتمرد على القانون الدولي المكتوب وغير المكتوب، والوسائل المطروحة للحصول على الحقوق الوطنية السليبة من فم الغول الإسرائيلي الذي لا يوفر شيئا وتحجيم النفاق الدولي لهذه الدولة ولجمه.
ولعل ما يجري في المياه اللبنانية وموقف السلطة اللبنانية والحكومة اللبنانية والأحزاب اللبنانية وحزب الله " وكاريش وما بعد كاريش "، يستأهل الدراسة بإمعان وفهم المعادلات الدولية وقواعد حل المنازعات الدولية، في مفاوضات استمرت عقدين من الزمان دونما طائل. ولكن فجأة حينما تدخل حزب الله في الموضوع بموقفه الجدي غير المساوم الذي ارتقى لخطوة شن " حرب "، ونشر مواقع الحفر الإسرائيلية بإحداثياتها، تغير كل شيء، حيث سادت نغمة التفاؤل فجأة، وغدونا قاب قوسين أو أدنى لحل قريب لهذه المعضلة، التي عجز السياسيون في لبنان عن حلها طيلة عشرين عاما واختصرت في شهرين بنهاية شهر أيلول. وغدا المكوك الأمريكي للمفاوضات الضابط الإسرائيلي السابق " المحايد " إما في تل أبيب أو في بيروت، حيث أصبح همه إنجاز حل بموافقة الطرفين ويجرد حزب الله من أي إنجاز بل كيل التهم لأمينه العام بتوريط لبنان في منازعات ستجر عليه الويلات .
ليتنا نتعظ مما يجري في موضوع الغاز اللبناني ونطبقه بما يجري على الإقليم الفلسطيني تحت الإحتلال الإسرائيلي. فالغاز الفلسطيني والنفط الفلسطيني محجوران لكونهما فلسطينيين. فنفط رنتيس في محافظة رام الله مقبور في جحره، ولا يمكن استخراجه، وكأنه لا يكفينا وجود احتلال وقمعه وعسكره وقتله وهدمه لمنازلنا، لكن نفطنا لا يمكن استخراجه أيضا، ليحل بعضا من مشاكلنا المالية. ونفس الشيء ينطبق على غاز غزة، فرغم وجود اتفاق مع شركة بريطانية منذ زمن لاستخراجه، بقي الموضوع حبرا على ورق تماما مثل جمود الشركات النفطية في لبنان. والسؤال الذي يطرح نفسه على النقاش لماذا استطاع حزب الله اللبناني أن يفرض رؤياه على إسرائيل ويقودها إلى مفاوضات جادة حول الغاز اللبناني، بينما فشل الفلسطيني في فرض حل مماثل، وماذا ينقص الفلسطيني سواء في القطاع أو في الضفة الغربية. وكيف يمكن للفلسطيني هنا وهناك أن يستفيد من الدرس اللبناني ويسترجع حقا سليبا هو بحاجة ماسة إليه. وكيف لنا أن تسترد إرادة سياسية أضعنا بفقدانها حقوقا لنستعيد حقوقا سليبة في كل القطاعات.
كذلك هو الحال في الجو، فالطائرات الإسرائيلية تعبره قسرا ورضاء ليل نهار، لكن المشكلة في الهواء الفلسطيني المسروق والمنهوب ولا يتم التحكم به فلسطينيا ولا بذبذباته، وللاسف بموجب إتفاق " قانوني " هو أوسلو اللعين. وليس سرا المعاناة والضرر التي تسببها شركات الإتصال الإسرائيلية من خلال الحكم العسكري للشعب الفلسطيني ومصالحه.
أما الماء الفلسطيني الكامن تحت التراب الفلسطيني في الإقليم الفلسطيني فهو مسروق بالكامل، والأدهى وأمر فبعد استخراجه من قبل الإسرائيليين يتم بيعه للفلسطينيين وبكميات محدودة جدا، ويترك للمستعمرين المستوطنين في جميع رقاع الضفة الغربية غورا وسهلا وجبلا، الإستمتاع بسرقة ونهب الماء الفلسطيني والذي هو ثروة قومية. ولا عجب فقد استقطبت الثروة المائية العربية ريالة الإسرائيليين بعد عام 1948 حيث قاموا بتحويل نهر الأردن وسرقة مائه.
الأمر المثر للريبة والشك هو أن الكيان الإسرائيلي رغم تنقيبه عن النفط واستخراج الغاز من البحر الأبيض المتوسط، وعقده إتفاقات مع قبرص واليونان ومصر، هو من الدول القليلة التي لم توقع ولم تصادق ولم تنضم لاتفاقية قانون البحار لعام 1982، مثلها مثل الولايات المتحدة الأمريكية بينما صادقت وانضمت على هذه الإتفاقية أكثر من 166 دولة. فشهيته لابتلاع مياه وثروات جديدة لم تنقطع، بل فرضت نفسها على دول مجاورة بعقد إتفاقات ثنائية دون التقيد بالإتفاقية المذكورة آنفا عملا بمبدأ شهير يقرر اشتراك الدول في التراث الإنساني.
لذا الأَولى والخطوة الأولى، أن تطالَب إسرائيل بالإنضمام لهذه الإتفاقية (دستور المحيطات ) التي تبين كثيرا من حقوق الدول البحرية والتزاماتها، كقضايا البحار والشواطىء والمنطقة الإقتصادية الخالصة والمياه الإقليمية والمناطق المتاخمة، كبادرة حسن نية قبل التوقيع على أي اتفاقية بخصوص المياه والثروات الكامنة فيها سمكا أو غازا أو معدنا أو منعها من رمي النفايات مع أي دولة أخرى كلبنان أو قبرص أو اليونان إتفاقا مع القانون الدولي واحكامه وأن لا يبقى الحبل الإسرائيلي على الغارب وأن لا تبقى طليقة من اي التزام دولي. فالكيان الإسرائيلي لا يحترم القانون الدولي العام سواء أكان حقوق إنسان أو دولي إنساني أو قواعده العامة. ولنا بما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة خير دليل على ما نقول.
فميثاق الحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 التي انضمت إليه إسرائيل تخرقه يوميا في القدس وفي الضفة الغربية المحتلتين وترى البعض منا يستذكر هذا الميثاق لأغراض خاصة. وتفعل الشيء ذاته بموجب ميثاق حظر التعذيب لعام 1983 التي انضمت إليه حيث تقوم بتعذيب الفلسطينيين صباح مساء ولا تلاحق قواها الأمنية بهذه الجريمة بل تتخذ مسمى مهذبا لهذه الجريمة البشعة حيث تصفها ب " ضغط جسماني معتدل " لتبرير جريمتها التي لاتتقادم.
قديما قالوا لا يفل الحديد إلا الحديد، وقال الزعيم المرحوم جمال عبد الناصر ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، لذا علينا أن نطالب ونسعى لاسترجاع حقوقنا المائية والهوائية والغازية والنفطية المدفونة في وطننا ونتعظ بما جرى في لبنان. وعلينا تفعيل الإنضمام الفلسطيني إلى إتفاقية قانون البحار لعام 1982 الذي جرى في العام 2015 بخصوص الخروقات الإسرائيلية البحرية وحتى اللجوء لقرار التقسيم رقم 181 في حقوق فلسطين المائية والغازية وفقا له. ونستعيد إرادتنا السياسية فبدل سرقة ستمائة مليون شاقل من أموالنا يجب دفع تعويضات عن أموالنا المنهوبة بمليارات الدولارات.
بقيت لبنان تفاوض الكيان عقدين من الزمن دون جدوى، بل اخترعت إسرائيل الأحابيل والخداع حتى لا تصل لنتيجة، ألم يقل إسحق شامير يوما سابقى أفاوض مائة عام بدون نتائج. لكن حينما ظهر السيد على المسرح اللبناني وهدد بكاريش وبما بعد بعد كاريش، وأن الحرب أفضل من الحياة وعدم الحل، تسارعت المفاوضات، واستقر المبعوث الأمريكي في المنطقة، حيث تعتقد السلطة اللبنانية أنها ستأتي أكلها قبل نهاية أيلول. ولعل المفاوض اللبناني يؤكد على وجوب انضمام الكيان الإسرائيلي لاتفاقية قانون البحار قبل توقيع أي اتفاق. فالشفهي تذروه الرياح !!!
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
السيد والغاز والحرب!!!