أقلام وأراء

الأحد 31 يوليو 2022 10:19 صباحًا - بتوقيت القدس

دموع "أمهات" أمجد ... السابقات واللاحقات ‏ واستراتيجية للتحرير أم للاستسلام!‏

بقلم: المحامي زياد أبو زياد


أمجد نشأت أبو عليا ابن الستة عشر ربيعا ً...اسم تصدر وسائل الإعلام أمس ولكنه كغيره من ‏الأسماء سيخبو تدريجيا الى أن يختفي من الذاكرة الجمعية ويضيع بين أسماء المئات من الأطفال ‏والفتيان الذين يتساقطون كالعصافير برصاص المستوطنين وجنود الاحتلال بشكل شبه يومي...‏


سنظل كل يوم نردد اسم جديد لطفل أو طفلة ارتقى شهيدا ً. وسنظل نردد عبارات الشجب ‏والادانة والاستنكار وننعت جنود الاحتلال والمستوطنين بعبارات قاسية مثل...المجرمين ... ‏القتلة.... القطعان... ونحمل الاحتلال مسؤولية جرائمه ونطالب الإدارة الأمريكية بالتدخل لوقف ‏جرائم إسرائيل ونطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته.‏


اقتباس:" هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير تتحمل نتائجه حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تعمل ‏ليل نهار على توفير الحماية للمستوطنين القتلة ضاربة بعرض الحائط كل قرارات الشرعية ‏الدولية والقانون الدولي الذي يؤكد أن الاستيطان بجميع أشكاله غير قانوني ولا شرعية له على ‏الأرض الفلسطينية".‏
‏ انتهى الاقتباس. ‏


أمجد نشأت أبو عليا ولد في نفس العام الذي جرت فيه آخر انتخابات تشريعية عام 2006. وفي ‏نفس العام الذي ولد فيه نشأت كنا منشغلين بكتابة شهادة وفاة الديمقراطية الفلسطينية. وقبل أن ‏يبلغ أمجد السنة الأولى من عمره كان الانقلاب في غزة وفي كل يوم كان أمجد ينمو ويكبر وكان ‏الانقسام يتعمق ويتجذر، الى أن أصبح الانقسام "البغيض" مصيرا ً محتوما محكوما بمصالح ‏المتنفذين على الجانبين الذين راق لهم واستعذبوا فضائله..‏


أمجد كان يعيش حياة أبناء جيله من أطفال شعبه. ولكنه فوجئ بقسوة العيش فاضطر لترك مقاعد ‏الدراسة وللانصراف للعمل ليعيل أسرته التي أصيب الأب المعيل لها بالسرطان.‏


أمجد كغيره من أطفال فلسطين لا يعيشون طفولتهم. يختصرون مرحلة الطفولة ليتحملوا مسؤولية ‏الرجال في زمن قل فيه الرجال...وأمجد الذي ترك مقاعد المدرسة ليلتحق بعمالة الأطفال التي ‏يُفترض أنها ممنوعة بحكم القانون... قانون حماية حقوق الطفل.. لم ينشغل فقط بالبحث عن ‏لقمة العيش بل كان في نفس الوقت جزءا ً من هموم شعبه فخرج كغيره من الأطفال الى ساحات ‏المواجهة لحماية الأرض من جشع المستوطنين...‏


أمجد وحيد والديه سقط صريعا ً برصاصة استقرت في صدره من قبل قناص قاتل لم يكن في ‏موقف مضطر فيه للدفاع عن النفس، ولم يكن قصده التحذير، بل لأن هوايته هي القتل ولأن ‏الفلسطينيين الذين أمامه ليسوا آدميين بل أغيار دمهم وأرضهم وعرضهم ومالهم مستباح... ولأنه ‏يهوي أن يختبر قدرته على التسديد واصابة الهدف في المكان الذي تحدده عدسة التكبير التي على ‏فوهة بندقيته الأمريكية الصنع.‏


الصحافة المحلية تقول بأن الرئاسة والمنظمة والحكومة شجبت واستنكرت اعتداءات المستوطنين ‏وجنود الاحتلال.‏
والاقتباس أعلاه من قول مسؤول فلسطيني رفيع المستوى يتضمن عدة أمور يجب التوقف ‏عندها:‏


هو يقول بأن حكومة الاحتلال تتحمل مسؤولية نتائج التصعيد الإسرائيلي الخطير.. وتحميل ‏شخص مسؤولية أعمال يقوم بها يعني أنه سيعاقب على هذه الأعمال. فهل هذا ما يقصده ‏المسؤول الفلسطيني وهل العقاب قادم؟ لأن من يتحمل المسؤولية يتحمل النتائج المترتبة عليها. ‏ويا حبذا لو توقف الخطاب السياسي الفلسطيني عن تحميل إسرائيل المسؤولية طالما أنه غير ‏قادر على محاسبتها على أعمالها أو ... أن يستعد لمحاسبتها وعندها يحملها المسؤولية ‏ويحاسبها. ‏


وهو يقول بأن حكومة الاحتلال تعمل ليل نهار على توفير الحماية للمستوطنين القتلة، وفي ‏المقابل نتساءل ما الذي تعمله حكومته لتوفير الحماية للمواطنين الفلسطينيين المسالمين العُزل ‏الذين يتعرضون لأعمال القتل اليومي من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال؟ في المعادلة الحسابية ‏البسيطة التي أمامنا: حكومة تعمل ليل نهار لحماية مستوطنيها وحكومة من حقنا أن نتساءل ماذا ‏تعمل سواء في الليل أو النهار لحماية أبناء شعبها في مواجهة الحكومة الأخرى!‏
وهو يستشهد بالشرعية الدولية والقانون الدولي. ونتساءل: متى استطاعت الشرعية الدولية ‏والقانون الدولي إعطاء الحقوق لأصحابها وهم جالسون في غرفهم المكيفة ومقاعدهم الوثيرة ‏بعيدا ً عن الميدان؟
نحن لا نواجه احتلال. نحن نواجه استيطان استعماري عنصري جاء ليقتلعنا من أرضنا ويسلبها ‏منا. ‏


أكذوبة أن إسرائيل أقيمت لتحقيق ملاذ آمن أو ملجأ لليهود المساكين الملاحقين في العالم باتت ‏شاخصة أمام الأبصار. 

واللاسامية أصبحت اللا-اسرائيلية ثم اللا-احتلالية. بمعنى أن كل من هو ‏ضد الاحتلال هو مجرم حسب المعايير الغربية التي طورت مفاهيم جديدة للاسامية.‏


استمرار القيادة الفلسطينية بتبني نفس الخطاب السياسي المهترئ والانتظار لحين تقوم أمريكا ‏ويقوم المجتمع الدولي بإعطائنا حقوقنا يجعل من هذه القيادة مجرد غطاء لاستمرار الوضع ‏الحالي، حيث يستمر سحب البساط من تحت أقدامنا، ويبتلع الاستيطان أرضنا ويقتل حلمنا ‏بالاستقلال والحرية، ونحن لا نزال نتحدث عن السلام والعملية السياسية وندعو لإحياء العملية ‏التفاوضية ونتحدث عن وهم لا حدود له ... حل الدولتين..‏


القيادة مطالبة بأن تُخرج أسلوب تفكيرها من التجميد العميق وتفتح أعينها على الواقع. وهذا لا ‏يتأتى إلا من خلال حوار وطني شامل ينسف كل الكليشيهات والأصنام ويفتح كل النوافذ للهواء ‏الجديد والنور ويضع استراتيجية جديدة للعمل ويشمر عن كل السواعد لوضعها موضع التنفيذ. ‏بما في ذلك استراتيجية للاستسلام ان لم نكن قادرين على التحرير !!!‏
والى أن يتم ذلك سيبقى كل مسؤول يُعد العدة لإلقاء خطابات وبيانات الشجب والاستنكار اليومي ‏لجرائم المستوطنين وجنود الاحتلال. وستؤوي أم أمجد كغيرها من أمهات الأطفال الذين قتلوا ‏والذين سيُقتلون... ستؤوي الى فراشها تبكي بصمت تغرق مخدتها بالدموع في ظلمات الليل، ‏ونحن ربما ننام على مخدات ريش نفكر في مصطلحات وكلمات جديدة تضيف زخما ً لبيانات ‏الشجب والاستنكار القادمة.‏

دلالات

شارك برأيك

دموع "أمهات" أمجد ... السابقات واللاحقات ‏ واستراتيجية للتحرير أم للاستسلام!‏

المزيد في أقلام وأراء

إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع

حديث القدس

اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟

سماح خليفة

حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة

سري القدوة

لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة

راسم عبيدات

حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟

علاء كنعان

ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟

د. أسعد عبد الرحمن

التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن

جواد العناني

متى يرضخ نتنياهو؟

حديث القدس

سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة

بهاء رحال

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024

كريستين حنا نصر

الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين

سري القدوة

المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات

وسام رفيدي

مبادرة مروان المعشر

حمادة فراعنة

سجل الإبادة الجماعية

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة

حديث القدس

المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة

المتوكل طه

عواقب خيارات نوفمبر

جيمس زغبي

النكبة الثانية والتوطين المقبل

سامى مشعشع

They will massacre you

ابراهيم ملحم

شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.04

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%20

%80

(مجموع المصوتين 523)