أقلام وأراء

الخميس 09 مايو 2024 10:11 صباحًا - بتوقيت القدس

ألتفاوض على الطريقة الفيتنامية والجزائرية..التفاوض تحت النار وبإسناد محور المقاومة

تلخيص

كان مفاجئاً بعض الشيء أن تعلن حماس، باسم قوى المقاومة الرئيسة، بتفويضها الموافقة على النص المصري القطري لصفقة التبادل، أما لمن تتبع مسار موقف المقاومة وتأكيداتها المستمرة على شروطها للصفقة، ولمجريات الميدان العسكري على كل الجبهات الأربع للاشتباك فلم يفاجأ بما وافقت عليه.


كان ملاحظاً للمتتبع، أنه ومنذ ثلاثة أسابيع تقريباً، وتركيز قوى المقاومة لفعلهاالعسكري على محور نيتساريم، ذلك المحور الذي اعتقد المحتل أنه ومن خلال تمركز قواته العسكرية عليه هناك سيفرض أمراً واقعاً قوامه فصل القطاع لجزئين معزولين يتحكم هو بالطريق بينهما، شمال القطاع وجنوبه ووسطه. لم يخف الإحتلال ذلك بل أعلنه مراراً. أضف لذلك أن هذا التواجد العسكري سيكون مقابل الميناء العائم الذي شرعت أمريكا وبريطانيا ببناءه تحت مبرر إدخال المساعدات، فيما هو في الحقيقة مسعى لخلق سلطة متعاونة تحت ضغط المساعدات، وتواجد إمبريالي لضمان استمرار محاصرة القطاع بحراً، وربما يستخدم لاحقاً كممر جاهز للتطهير العرقي والتهجير.


وتركيز الفعل العسكري على محور نيتساريم من قبل كل كتائب المقاومة كان واضحاً أنه منسق ويصدر عن قرار مشترك، فكل الكتائب الفاعلة، ألقسام والسرايا وأبو علي والمجاهدين وعمر القاسم، تركزت ضرباتها الصاروخية هناك، ما أكد للمحتل أن تقسيم القطاع لن يمر، وأن استقراركم على هذا المحور سيكون مستهدفاً حتى رحيلكم عنه.


كما أن هذا الإستهداف أوصل ذات الرسالة للأمريكيين والبريطانيين بأن الميناء العائم ليس هناك مَنْ يوفر الظهر المساند له عبر التواجد العسكري على محور نيتساريم، فليس أمامكم سوى تفكيكه والرحيل، وهكذا فعلوا، وإن غطّوا تفكيكه بالأحوال الجوية! لإخفاء هزيمتهم.


هذا واقع عسكري ميداني بالتأكيد فرض نفسه على طاولة المفاوضات للوصول للصفقة. أضف لذلك واقع استمرار الرشقات الصاروخية للمستعمرات، ومن شمال القطاع تحديداً كما أُعلن، واستمرار عمليات القنص والكمائن من منطقة شمال ووسط القطاع التي كان الاحتلال أعلن مراراً، وقبل شهور، أنه تم تطهيرها من مقاتلي المقاومة، لتعود التقارير الإستخبارية الأمريكية والإسرائيلية لتتحدث عن 4-5 آلاف مقاتل لحماس. هذا دون حساب أعداد الكتائب الأخرى، وخاصة السرايا.


بالمقابل فالمتتبع للفعل وللاشتباك على جبهة لبنان المساندة يلحظ تزامناً في تصعيد حزب الله لضرباته مع تصاعد ضربات المقاومة على جبهة نيتساريم، فتركز القصف على المطلة وكريات شمونه والقواعد والتحشدات العسكرية، وبمختلف الأسلحة، وخاصة المسيرات الإنقضاضية، وعلى عدة محاور على طول الشمال الفلسطيني، وحينما حاول الجنود الصهاينة التسلل بقوة عسكرية راجلة من لواء جولاني، وقعت في كمين أظهر ليس فقط جهوزية عسكرية لدى مقاتلي حزب الله، بل قدرات استخبارية باتت اليوم حديث الإعلام.


وليس بعيداً عن هذا التصعيد الميداني ما نقلته (الأخبار) اللبنانية عن مصدر لبناني حول رد حزب الله على التهديد الأمريكي بجاهزية الصهاينة لدخول ليس رفح، بل التفكير بدخول لبنان، حيث كان رد الحزب (إن صدق خبر المصدر)، أننا سندخل شمال فلسطين في حال دخلتم رفح، وقبل ان تفكروا بدخول لبنان. لذلك يمكن فهم فشل كل الضغوط الأمريكية التي يحملها المبعوث هولكشتاين، والتهديدات الفرنسية والبريطانية لحزب الله التي لم تتوقف منذ 8 أكتوبر، والأهم لم تردع حزب الله عن قيامه بدوره الذي أعلنه كمساند للمقاومة في غزة. هدف ترحيل حزب الله إلى شمال الليطاني، كما أعلنوا مراراً، انتهى لترحيل سكان المستعمرات بعيداً عن شمال فلسطين. ذلك واقع عسكري ميداني آخر.


بذات الوقت يعلن أنصار الله ما أسموه المرحلة الرابعة في إسنادهم، وهي وضع السفن المتوجهة للكيان في البحر المتوسط في دائرة الإستهداف. لا يستهينن أحد في تأثير الإسناد اليمني على كل محور الإبادة الصهيوني/ الأمريكي، فإرباك خطوط التجارة الدولية وقع لا محالة، كما التأثير الإقتصادي على الكيان الذي أعلن أن ميناء إيلات أضحى خارج الخدمة عملياً. واقع عسكري ميداني ثالث.


وأخيراً فالمقاومة العراقية تسعى أيضاً للتأثير في الميدان عبر محاولات المس بقواعد ومنشآت عسكرية داخل الكيان عبر المسيرات التي، وإن نجح القليل منها في الوصول، وحتى لو تم إسقاطها قبل الوصول، إلا أنها تشكل جبهة رابعة تخلق بالحد الأدنى إزعاجاً للمستويين العسكري والسياسي.


تلك معطيات ميدانية كانت بلا شك على طاولة المتفاوضين خلال الأسابيع الأخيرة وهي تعبر بشكل أكيد أن قوى المقاومة، ممثلة بحركة حماس، لم تكن تفاوض وهي فارغة اليدين بل تمتلك عامل القوة الرئيس، وهو الميدان، فهي، ورغم الضربات الأكيدة التي تلقتها، ورغم حجم التضحيات الهائل، إلا أنها ما زالت تمتلك زمام المبادرة لفرض وقائع على الأرض تخلق ظروف تفاوض أفضل للمفاوض الحمساوي عبر الوسطاء.


ولنا فيما يجري في رفح منذ يوم الاثنين درساً هاماً. الصهاينة قاموا بحركة استعراضية باحتلال المعبر ورفع العلم وكأنهم انتصروا، رغم أن المعبر ليس منطقة اشتباك أصلاً، وربما في سعي للتأثير على الصفقة المعروضة أمامهم لتحسين شروط هزيمتهم، ورغم أن استعراضيتهم كلّفت شعبنا ترحيل ما يزيد عن 100 ألف من شرق رفح، إلا أن المقاومة تعاملت بندية، فقصفت قاعدتهم العسكرية في أبو سالم وفيها التجهيزات لاجتياح رفح، لتوقع قتلى وجرحى، فيما تصدت للدبابات في شرقي رفح واستمرت بإطلاق رشقاتها الصاروخية تجاه القواعد والمستعمرات.


ألدرس الأهم واضح تماماً: ألمقاومة تفاوض من واقع عسكري ميداني متميز ومبادر ومتفوق من حيث المبادءة والإشغال وإيصال الرسائل، وإن لم تكن متفوقة بالتأكيد من حيث القوة النارية. يضاف إلى ذلك درس هام أيضاً، وهو وحدة موقف فصائل المقاومة الذي أكده أسامة حمدان في إحاطته الصحفية ليلة الثلاثاء حين أشار أن الموافقة على الصيغة المصرية القطرية تم بعد مشاورات بين الثلاثي الاساسي المقاوم، حماس والجهاد والجبهة الشعبية.


المقاومة تقدم دروساً كثيرة للتاريخ الفلسطيني في (فن التفاوض)، كما يحلو للفذلكات الأكاديمية والدبلوماسية أن تصفه، إنه ذلك (الفن) المستند لقوة عسكرية فاعلة في الميدان، ولوحدة موقف فلسطيني يقف خلف المفاوِض.


ألمقارنة تفرض نفسها، ألمقارنة مع كل تجربة المفاوِض الفسطيني منذ مدريد وأوسلو عام 1992 والتي أنتجت كارثة وطنية محققة، ذلك المفاوِض الذي ذهب للتفاوض بالاستناد لضعفه، وفق صيحة (يا وحدنا) المخادعة، مفاوِضاً من خلف ظهر القوى والمؤسسات، مفاوِضاً اعتبر (الحياة مفاوضات)، لا (المقاومة جدوى مستمرة) تقود في لحظة لتفاوض يستند لقوة المقاومة. تفاوض المقاومة، تفاوض على الطريقة الفيتنامية والجزائرية المجربة.


تركيز الفعل العسكري على محور نيتساريم من قبل كل كتائب المقاومة كان واضحاً أنه منسق ويصدر عن قرار مشترك، ما أكد للمحتل أن تقسيم القطاع لن يمر، وأن استقراركم على هذا المحور سيكون مستهدفاً حتى رحيلكم عنه.

-----

ألمقاومة تفاوض من واقع عسكري ميداني متميز ومبادر ومتفوق من حيث المبادءة والإشغال وإيصال الرسائل، وإن لم تكن متفوقة بالتأكيد من حيث القوة النارية.

دلالات

شارك برأيك

ألتفاوض على الطريقة الفيتنامية والجزائرية..التفاوض تحت النار وبإسناد محور المقاومة

المزيد في أقلام وأراء

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

هناك خطة للغد

غيرشون باسكن

إسرائيل تصارع اوهام النصر

حديث القدس

الاحتلال الإسرائيلي بين «الذكاء الاصطناعي» و«الغباء الفطري»

عماد شقور

المفاوضات بين حماس والمستعمرة

حمادة فراعنة

المحاكم.. مكان لاختبار الصبر!

سمر هواش

تأملات-- النساء الفاضلات كثيرات

جابر سعادة / عابود

هل هو تنازع على من يخدم إسرائيل أكثر؟

فتحي أحمد

التعافي من الفاقد التعليمي واستقرار منظومة التعليم

ثروت زيد الكيلاني

اليابان: غزة والشرق الوسط

دلال صائب عريقات

شكراً تونس

رمزي عودة

تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة

رحاب العامور

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أسعار العملات

الأحد 19 مايو 2024 10:55 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.73

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.29

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.01

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%8

%92

(مجموع المصوتين 85)

القدس حالة الطقس