
أقلام وأراء
السّبت 18 مارس 2023 10:02 صباحًا - بتوقيت القدس
السعودية وإيران والوساطة الصينية
بقلم: د. عبدالله الحواج
ثمة عالم متعدد الأقطاب بدت ملامحه في التشكل، عالم ليس أحادي القطب، وليس أميركي الهوى، بل وليس «سوفيتي» الميراث، عالم يسوده اللاعبون الجدد، والقوى الدولية الصاعدة، بل والإقليمية الواعدة.
حدث ذلك وتجلت ملامحه في المشهد الدبلوماسي الذي غير موازين اللعبة في منطقة الشرق الأوسط، تلك الوساطة الصينية التي جمعت شمل اثنتين من أهم الدول الفاعلة في الإقليم والعالم، السعودية وإيران، السعودية الدور والأثر العربي والإسلامي، وأقوى المهيمنين على «أوبك بلس»، بل وسوق النفط العالمي ومصادر الطاقة في العالم الحديث، وإيران بوزنها النوعي واشتباكها الدولي في ملفها النووي، ودورها المنغمس في الحالات اليمنية والسورية واللبنانية والعراقية وغيرها.
لكلٍّ دور إقليمي ودولي يمكن أن يرسم ملامح خارطة جيوسياسية جديدة.
الصين وبمنتهى الهدوء احترفت قوانين الإزاحة للقطب الأميركي الأوحد «سابقا»، دخلت على الخط التقليدي الذي يحدد الحدود، ويقيم الحواجز، ويزيل الفوارق بين الأمم، بدبلوماسية شديدة الهدوء جمعت الطرفين الأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط، بل والأعمق تعاطيا مع قضايا الاستقرار والازدهار في المنطقة، جمعت طرفي النقيض أو معولي الحركة والحركة المضادة لتحصل على الوعد التاريخي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الشقيقة الكبرى السعودية وجمهورية إيران الإسلامية بعد 7 سنوات من «شبه القطيعة» بين النقيضين الأساسيين في المنطقة.
العالم يرحب على مضض، وأجهزة الإعلام والمواقع الإلكترونية تشبع القرار التاريخي بحثا وفرزا وتمحيصا، في النهاية لم يستطع أحد أن يتكهن إذا ما كان الوعد سوف تستكمل أركانه ويتم إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، وأن إيران سوف تلتزم هذه المرة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول في الإقليم، أم إنها ستكون غير قادرة على تنفيذ وعدها ومن ثم ستعود «حليمة لعادتها القديمة»، ويعود التوتر للإقليم المشتعل؟
الأسئلة مشروعة والتحفظ وجيه، لأن «المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين»، ولأن المسافات القصيرة آن لها أن تتقارب أكثر، وأن الايديولوجيات المترامية من الواجب عليها أن تحكم صوت العقل، وأن تعود إلى جادة الصواب، لتنعم المنطقة والعالم بالازدهار والاستقرار وانتهاء المناكفات والصراعات التي راحت ضحيتها شعوب، وتشتتت بسببها أوطان، وتداعت في طيات عدوانيتها حضارات.
الخطوة السعودية - الإيرانية مبشرة، والوساطة الصينية المحمودة تجعلنا أكثر تفاؤلا عن ذي قبل، حيث الوساطات الغربية السابقة وقد باءت بالفشل، وحيث المفاوضات من بعيد قد اتسمت بالخجل، والمحاولات الأمنية على الحدود المختلف عليها قد واجهت مصيرها المتعثر المحتوم.
الأمل كبير بأن تلعب المملكة العربية السعودية كعادتها الدور الكبير في رأب الأصداع مع الجيران، والمتوقع أيضا من إيران بأن تتفهم هذه المرة خصوصية المنطقة، وآمال وطموحات شعوبها، وخطط واستراتيجيات قادتها، فنحن أمة سلام لا استسلام، ولا نطمح في حدود أو أراض، أو هيمنة على أحد، كل طموحاتنا منصبة على تنمية منطقتنا، وكل آمالنا وأحلامنا تتلخص في إقامة علاقات دبلوماسية عادلة، مع الأصدقاء والأشقاء، كل طرف يتفهم مخاوف الطرف الآخر، وكل طرف يحترم حدود وحريات الطرف الآخر، وكل حرية من الحريات الإنسانية يجب ألا تتجاوز حدودها لتعتدي على حريات الآخرين.
هكذا تتفهم السعودية خصوصية بلادها وعادات وتقاليد شعبها وأمتها وعادات وتقاليد وخصوصية الآخرين، وهكذا من الواجب أن تتفهم إيران هواجسنا، وأن تزيل كل المخاوف من محاولات هيمنة غير مستحقة، ومشاريع سيطرة غير مقبولة، وأفكار بالية عفا عليها الزمن.
المطلوب من إيران الجدية في السلام الشامل مع منطقتنا الأهم في العالم الآن، والمطلوب منا الصبر والتفهم والانتظار لما قد تأتي به الأيام القليلة المقبلة.
عن "النهار اللبنانية"
دلالات
مشاركات القراء
المزيد في أقلام وأراء
"خليفة" الأفضل من أبناء قطر
شرم الشيخ كما العقبة: لا جديد تم إنجازه
اتهامات الاحتلال لمناهج التعليم في وكالة (الأونروا) بالتحريض باطلة
ما بعد رفض وساطة هيرتصوغ الثالثة!
شر البلية / الكوميديا السوداء
الرد الوطني على انكار وجود الشعب الفلسطيني
اتفاق بكين الثلاثي ... نقطة تحول أم هدنة مؤقتة؟
لا جديد في بيان شرم الشيخ
لمحات من الأحداث
طقس القدس

الثّلاثاء

الأربعاء

الخميس
أسعار العملات
- دولار أمريكي / شيكل شراء 3.65 بيع 3.67
- دينار أردني / شيكل شراء 5.15 بيع 5.18
- يورو / شيكل شراء 3.91 بيع 3.93
الثّلاثاء 21 مارس 2023 7:43 صباحًا
شارك برأيك على السعودية وإيران والوساطة الصينية
شارك دون الحاجة الى التسجيل.
يرجى التعليق باللغة العربية.
فريق عمل القدس دوت كوم
جاري نشر التعليق